الاثنين، 6 ديسمبر 2010

تعلم من أخطائك


أنت الآن وفى لحظة من لحظات حياتك , هلا صدف أنه عندما عجزت قدراتك عن عمل شيء من الأمور , اكتشفت عن طريق يأسك وهمك وقنوطك أموراً أخرى لم تكن بالحسبان ؟
 من مّنا قام بشكر أخطاءه يوماً لأنه عرف أنه لولا ارتكابه لها ما عرف الأفضل والأروع من الأشياء ؟
من مّنا بجمع الحجارة التي كان الآخرون يرمونه بها , وصنع منها بناء عظيماً لشخصيته عجز أولئك من مجارات روعته ؟
من مّنا كان يخاف من هناك , واكتفى فقط بهُنا , وبالمقابل من مّنا نظر إلى هناك وقال في شموخ أستطيع , فقادته روحه القوية بالتصميم الخالي من الخوف للعلو إلى هناك , وعندما وصل نظر لأبعد من هناك ؟
من مّنا ابتلعته الحياة لأنه كان يخاف من تلك التي هي أبعد من مّد بصره وبالمقابل من مّنا ابتلع الحياة , لان منهجه في الحياة هو ما وراء مّد بصره؟
ومن مّنا قتلته أخطاؤه لأنها كانت عائقاً تعوقه عن التقدم والرقى ؟
ولذلك دعني أهمس في أذنيك شيئاً غاية في الأهمية .
قد يكون ارتكابك للأخطاء هو بالضبط قدرك لتعلو , لأنك لولاها لِما عرفت ما تريد .
فلا تستطيع أن تبنى شخصيتك بسهولة وهدوء وراحة بال , فقط من خلال الخبرة في المحاولات وارتكاب الأخطاء والمعاناة تستطيع روحك أن تكون قوية , أن تكون نظرتك المستقبلية واضحة , وتمتلك طموحاً أكثر قوة لتحصد بعدها مجداً .
وصدق من قال .
لا يعرف الضرير أين يضع إلا إذا تلمّس طريقه أمامه
وعندما يعرف أن طريقه مسدود يغير الطريق
وأحياناً يصطدم بالجدار ولولا أن الضربة قوية لما غّير طريقه.
فمن لا يرتكب أخطاء لا يستطيع تحقيق شيء , لذا لا تجزع إن اكتشفت أنك لا تستطيع عمل من الأمور , فربما تكون هذه بداية مجد قادم لك وربما هو جهاز إنذار لك لتغيير نهجك في الحياة وطريقة تعاملك ونظرتك للأمور .
فالحياة أخي مثل السفينة تسير باستمرار , وأحياناً تتوقف لفترة لتزود نفسها بالبضائع والحمولات , وفى أحيان أكثر تتوقف لتحديات كثيرة كالعواصف والأعاصير , فمنها من يخرج من هذه التحديات أقوى من ذي قبل , ومنها من يكون مُدمراً تماماً ولا يستطيع الحراك ولو قيد أنملة .
إنها الأخطاء والمشاكل التي أحدثتها أنفسنا , وكلها أعاصير توقف حياتنا وتوقع بنا في حفرة الألم والتي تكبر باستمرار وتجعلنا دائماً ندخل في هذه الحفرة , فتتعمق إلى أن تقضى علينا .
لكنى لا أقول هذه المعاناة حتى نستسلم ونتألم لا,لا , ولكنى بإيجابية تامة أريد أن أوضح أن ما يمر بنا من مصائب في الحياة , كله سيمر علينا سواء نجحنا أم فشلنا ... كنا مميزين أم غير ذلك ... كلنا سنتعرض لأخطاء وسلبيات , لمصاعب وتحديات , نعم تأكد أنك لا محالة – مبتلى بأخطاء وتحديات ومشاكل , وكلها سوف تمر وتعبر كالرياح والعواصف في تلك البحار ... فالحياة متقلبة , تارة حلوة , وتارة مُرّة , ونحن فيها متأثرين بما يحدث , فتارة نكون سعداء , وتارة آخري نكون متألمين وهكذا,ولهذا بعد هذا الألم مباشراً إما أن نخرج أقوى متمسكين بأنفسنا متعلمين من ماضينا , أو نخرج أضعف متمسكين بألمنا ولم نتعلم من ما مضى .
ومكمن الخطورة هنا هو أن يتألم الإنسان نفس الألم كل مرة يُخطئ فيها كأنه يُجرح من نفس المنطقة , وهنا يكبر الألم ليجعلنا أضعف وأضعف حتى يتمكن مِنا , بنفس طريقة المرض حينما ينتشر يبدأ في الانتشار شيئاً فشيئاً حتى يقضى على الإنسان , وقد نسأل بإيجابية ما حل هذا الألم ؟
الحل هو غاية في السهولة والبساطة " أن نتعلم منه "
فالإنسان كثير الوقوع في الخطأ نتيجة إرهاق أو إهمال أو نسيان أو ضعف في القدرة أو في الخبرة , وإذا علم المرء أنه أخطأ هدفه , وضل طريقه , ثم لم يغير وسيلته ليتجه نحو الصواب والسداد , فماذا تنتظر منه وماذا تنتظر له ؟ صدق أو لا تصدق .
إن هذا الإخفاق قد يكون سبباً من الأسباب الرئيسية لبعث الخوف من المستقبل في النفس , بحيث يحجم الإنسان عن كل مشروع جديد , أو عن كل تجربة مفيدة , لان كل النتائج التي يرغب فيها غير مضمونة التحقيق , وليس هذا دأب الناجحين الذين يخطئون ثم يُصححون , ويتعثرون ثم يقفون , وتوضع العراقيل في طريقهم فلا يتوقفون , لأنهم دائمو التصحيح لحركتهم , والتجديد لقدراتهم , وهذا يمدهم بمدد جديد من النشاط والحيوية ويجعلهم يرون الأهداف البعيدة قريبة , والصعاب الكثيرة قليلة .
نعم إنه الأمل الذي يجعل أصحابه يعتبرون الفشل في الحياة مجرد خبرة تعليمية , أو مجرد تحديات لتعديل منهجهم في الحياة , فليس الفشل مرتبطاً بذات الأشخاص الفاشلين , ولكنه مرتبط بطريقتهم في حياتهم , فإذا أثبتت الطريقة فشلها , وحققت الإخفاق لأصحابها , فما الذي يمنع من تغييرها , أو تصحيح عوجها الفكري أو السلوكي ؟
إن سبب الفشل قد يكون كامناً في التصرفات الشخصية " كالخمول والكسل وضعف الهمة وفتور العزيمة , وقد يكون في ظروف البيئة التي يعيش فيها الإنسان , وحينئذ يتوجب عليه أن يستفيد من هذه الظروف بحيث لا يصطدم بها في طريق الوصول إلى أهدافه , إن لم يكن يستطيع أن يجعلها مساعدة لتحقيقها .
فلقد تأكدت أن كل مشكلة تمر علىّ هي في الحقيقة اختبار , إن تعلمته سوف أنتقل لمرحلة أجمل وأروع , كما تأكدت أن حياتي إذا أغلق الله فيها باب فسيفتح لي باباً خيراً منه , وتأكدت أيضاً أن لا أتألم وأبكى على هذا الباب المغلق , وأن لا أنسى ما فتحه الله لي من أبواب جديدة .
فتعلم أنت أيضاً أن تكون أقوى من ذي قبل بعد الأخطاء والمشاكل التي تقع فيها , واجتهد حتى تصل لأفضل مما تريد , وعليك أن تتأكد أن الحياة عندما تتحرك بعد توقفها فعليك أن تقف بلا يأس , وافتح ذراعيك للحياة لتصل إلى قمم جبال الأمل , وتذكر أننا بشر خطاءون وخير الخطاءون التوابون , وتذكر أيضاً أننا بشر ويجب أن نتأثر بالمشاكل ونحزن ونتألم , فالألم مكون أساسي في تعلمنا للحياة ولتغيرنا للأفضل .
وفيما يلي وصفة ليست سحرية تُذهب الألم , لكنها وصفة فعّالة تجعلنا نُقلل من ألمنا للصدمة أو التحدي الذي يواجهنا , ونتعلم مما نقع فيه من أخطاء , لنخرج بأكبر قدر من التعلم وأقل قدر من الألم .
*  - لنسرع في الخروج من المشكلة :
فعند حدوث المشكلة يجب أن نتذكر أن هدفنا الأساسي هو الخروج والتعلم منها , ليس الحزن على ما يقع علينا , وندب الحظ وغيره ,علينا أن نركز فقط على إيجاد الحل – والخروج من المشكلة بأسرع وقت ممكن , فكلما طال زمن وقوعنا في المشاكل كلما زاد تأثيرها السلبي في حياتنا , وصعُب الانفكاك منها .
فإذا فشل أحدنا في الحصول على عرض معين , سواء كان منصباً أو ترقية , يجب أن لا يندب حظه العاثر ويغرق في اكتئاب , بل من الأجدر به أن يتعرف على مكمن الخطأ ليتجنبه في المرة القادمة , وإذا مات شخص من العائلة , أو فقدنا عزيزاً , لا بأس أن نحزن , ولكن لا نجعل الحزن يقعدنا عن أداء دورنا ومهامنا , ولنتحرك نحو الأمام , وليكن وفاؤنا للميت بتذكر اللحظات الجميلة التي جمعتنا به , ولنترحم عليه وندعو له .
*  -  لنتعلم منها ثم نتركها .

فلنجبر أنفسنا على التعلم من الخطأ الذي ارتكبناه , ثم أن ننسى هذا الخطأ , ونرميه خلفنا – بعض الناس يعيش مع أخطائه , ويتعود جلد نفسه وتأديبها , فإذا فعلت ذلك فإن المشاكل ستجذبك وتحاصرك , وتصبح أسير خطأ قمت به في يوم من الأيام , وستُضّيع على نفسك فرصة رائعة للتقدم والتطور .
ومن أجل تفادى ذلك علينا .
*  - أن نفكر في المشكلة على أنها وسيلة للتعلم .
*  أن نتخذ من المشكلة وسيلة لكي نبرهن للآخرين قدرتنا على التعامل مع الصعاب .
*  أن نجعل من المشكلة فرصة نستفيد منها في تحسين حياتنا , والتقدم بها نحو الأفضل .
*  ستفيدنا المشكلة في أن نكون أكثر حكمة وأكثر نضجاً وخبرة .
*  إن المشكلة ستقربنا من هدفنا أكثر , وتبين لنا معالم الطريق الذي نسير فيه , فكثيراً ما تجرفنا الحياة لدروب تبعدنا عن أهدافنا فتأتى المشاكل لنتوقف عندها ونعيد أوراقنا .
*  أن لا نعطيها أكثر ممّا تستحق .
فحتى لا تصبح المشاكل مفيدة لنا , لابد من تحديد حجمها ووضعها في إطارها الطبيعي , فكثير من الناس من يضخم المشاكل ويُعممها , فإذا كانت عنده مع صديق فإن حياته كلها تتوقف , وإذا كانت في العمل نقلها إلى البيت , وهذا يُعطى للمشاكل قيمة غير ما هي عليه ويجعلها تأتى على حياتنا وتفسدها , فالمشاكل دائمة لا تتوقف , وإذا توقفت حياتنا مع كل مشكلة نقع فيها , فإننا بذلك لن نستطيع التقدم بأنفسنا
ومن أجل ذلك فإني أدعوك أخي ونفسي للقيام بما يلي .
الجلوس مع النفس بصدق لتحديد حجم المشكلة .
لا بأس باستشارة صديق للمساعدة في حل المشكلة , ولكن الحذر من أن نتحدث بمشاكلنا لكل الناس , فإن ذلك سيوسع المشكلة ولن يحلها .
لنعط المشكلة من الاهتمام الحجم الذي تستحقه , ولا نسمح لها بأن تسيطر على حياتنا .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق